Sunday, December 24, 2006

فصل المقال في تفسير العيال


من التعبيرات الشائعة أن يقول المرء فلان "بداخله طفل" – وتلك العبارة علي ما تبدو من بساطة ووضوح في معناها إلا انها معقدة مركبة تعقد الزمان الذي مر بها فجعل من عجائبه أنها كلما تناقلتها الألسنة كلما استعصت علي الفهم. وهي تنتمي لتلك الطائفة الشائعة من المفردات التي نستخدمها لننقل فيما بيننا أفكارا نحسبها واضحة جلية بينما هي في واقع الأمر شديدة الغموض

ورغم ان تحليل وتفسير هذا المصطلح أمر وان ادعي بشر القدرة علي التصدي له كان ذلك دربا من دروب الجنون إلا إنني – وما أجهلني – قد قعدت العزم علي القيام بتلك المهمة المضنية

بادئ ذي بدء يجدر بنا أن نستثني من تحليلنا هذا طائفة محددة من بني البشر ألا وهي النساء متزوجات كن أم فاجرات فاسقات وقد انتفخت بطونهن حلالا أم سفاحا. وتلك الطائفة تخرج عبارتنا من قاعدة الغموض إلي استثناء الوضوح والإجماع. فإذا قلت فلانة "بداخلها طفل" أو قالت فلانة "أنا بداخلي طفل" وكانت تلك الفلانة حامل في الشهر الثامن صح هذا القول تمام الصحة وما عارضه إلا الجهلاء أو السفهاء من القوم

وفي قول آخر لا يجوز نعت الجنين في بطن أمه بالطفل إذ هو لم يري النور ولم يكتمل إنسانا يتنفس ويبكي ويرضع إلا ان هذا القول يصح في الأغلب الأعم لاتفاق العامة وشيوع الخطأ واستخدام الحال المستقبل لوصف الحاضر وما هو أعم لوصف ما هو أخص وقد اختلف علماء الغرب العلماني في تلك الأمور أيما اختلاف وتفرقت آراءهم – فرق الله شملهم ورمل نساءهم – أيما تفرق في معرض نقاشهم عما يسمونه بالإجهاض وحق الحياة والله أعلم ببواطن الأمور

أما إذا ذكر هذا الوصف في أنثي لم يقربها رجل أو ذكر مكتمل الذكورة صار أمرا عسير علي البنان واحتار في تفسيره الإنس والجان. ومما يزيد الأمر التباسا استخدام اللفظ علي عمومه دون تحديد موقع الطفل من الداخل الإنساني. والأمر علي عمومه وتجريده يعتمد علي حجم الطفل والتشريح الداخلي للإنسان وكلها أمور يقربها العقل الإنساني من باب الافتراض والفضول وليس من باب اليقين القاطع والبرهان الساطع. فإذا كان الطفل صغيرا ضئيلا جاز انحشاره في البلعوم أو بأعلي الحجاب الحاجز. أما إذا كان كبيرا مكتمل النمو مثل فحل البصل الأخضر وقد ازمهر في الصباح لا يعقل وجوده بداخل المرء اللهم إلا إذا كان ذلك بداخل المعدة أو الأمعاء. والقول الأرجح هو تمركزه بداخل الأمعاء الغليظة إذ من خصائص الأطفال الحراك الدائم كما أنهم قد يشيعون في المكان بللا غير محمود علي حين غرة فاستلزم ذلك وجودهم في محيط غليظ

وقد شاع أمر هذا الاصطلاح وتناقلته الألسنة كما يتناقل الحشاشون زغاريفهم في غرزة جدباء ملبدة بالغيوم. فمنهم من تنفرج أساريره وينعت نفسه بذاك الوصف دالا بذلك علي حسن النوايا ونقاء القريحة ومنهم من يدعي هذا الادعاء بغرض الإيحاء بالبراءة والتقلب وحب اللهو والمرح وعلي كل الأحوال فإن تلك النعوت تفترض استئثار فئة الأطفال بها استئثارا لا يعرف الخلط فإذا مست ابن آدم مسا ولو طفيفا كان ذلك من باب التشبه بالأطفال وليس من باب الخصال الأصيلة وهو فرض في مجمله لا يستسيغه العقل الواعي ولا الباطن حيث تختلط أطوار المرء من المهد إلي اللحد أيما اختلاط وتتداخل أيما تداخل

وقد انتشر هذا القول بين الناس كالماء في المواسير حتي تغني به أستاذ الطرب الأصيل الشيخ جون لينون – رحمه الله – فقال "يا امرأة أتمني أن تفهمي الطفل الصغير بداخل الرجل" وصار هذا البيت الفريد من عجائب ما جادت به القرائح في هذا الزمان فردده الصبيان في الطرقات وارتفع بالغناء في الاستريوهات وهامت به العذراوات دون الاكتراث بما يعتريه من لبس واضح وجهل فاضح ودون الخوض في غمار التفاسير وسبر أغوار المعاني

ولإن كانت العقول قد وقفت ذاهلة أمام هذا اللغز الدفين وما برحت الأذهان عاجزة خاشعة أمام تلك الظاهرة التي استعصت علي كل عجوز ماكرة وكل لعوب فاجرة فقد خر ادعياء التكنولوجيا والعولمة والميكنة مشدوهين وتأرقت مضاجعهم إذ عجزت كل بدعهم عن الكشف عن ذلك الوجود الخفي الغويط الذي لا يكشفه سونارا ولا يثبت وجوده تحليل بول

أقول قولي هذا وأستأذنكم دلوقتي عشان دة معاد الرضعة بتاعة الطفل الذي بداخلي

Saturday, December 16, 2006

فرصة .... لو ضيعناها..... لا يحق لنا أن نبكي



....ياخوانا ركزوا معايا بقي الله يكرمكم


لما بقول "أيوة... ممكن" نغيير إلي بيحصل في بلدنا ونبقي شعب حر في بلد حر عايش بكرامة


....بتقولوا عليا بخرف


!لكن يا جماعة اللي بيحصل دلوقتي دليل قاطع علي انه فعلا.... ممكن


سبق وقلت قبل كدة إن الموضوع ما هواش تغيير في المؤسسات ولا ثورة شعبية ولا كفاح مسلح الموضوع يتلخص في توازن القوة


1+1=2


صح؟


مبارك ونظامه محتكرين السلطة في مصر


صح برده؟؟؟؟


(يبقي الحل إيه؟؟؟؟؟؟ الشعب لازم ترجعله السلطة تدريجيا (أظن برده صح.. نظريا


(طبعا النظام مش حيتطوع ويتنازل عن جزء من سلتطه (إظن دي متفقين عليها بقي..


إللي بيحصل الآن ياخواننا إن فيه سلطة أو قوة شعبية بكل ما تحمله الكلمة من معني بتتكون


أغلبكم طبعا عارفين فيديو الإغتصاب الشهير بتاع عصاية المقشة


(إللي مش عارف يروح يقرا( في كفاية حرام - الحج جرجس


الفيديو نشر في مدونة دماغ ماك... ثم انتشر كالبرق بين المدونين.. ومنهم إلي جريدتي الفجر والمصري اليوم


الآن الضباط المغتصبين (إللي هما زي ما قلنا فوق جزء من النظام الفاسد محتكر السلطة ونموذج ليه) بيترجوا الضحية علشان يتنازل عن المحضر....


يبقي المدونين أصبحوا قوة ولا مش قوة؟؟؟؟؟؟؟


حتي لو كانت واقعة وحيدة.. لكنها دليل علي ان إعادة السلطة المغتصبة ليس مستحيلا... حتي لو أخذ مئات السنين


.........................................................................



فرصة ذهبية يا مدونين ويا مدونات.. يا مثقفين ويا مثقفات... يا محبين لمصر وغيورين عليها


فرصة ذهبية لاستمرار التعاون .. استمرار العمل من أجل هذا البلد.. بواقعية من غير شعارات


فرصة ذهبية لاستعادة هذا الوطن المسلوب


فرصة... لو أضعناها... لا يحق لنا أن نشكو... أو نبكي علي حالنا


فلننتهز الفرصة الآن... أو لنصمت إلي الأبد


Thursday, December 07, 2006

..نفسي

عمر حد فيكم سأل نفسه هو عايز إيه دلوقتي حالا؟ في التو واللحظة.. ايه الشيء اللي ممكن يخليك سعيد ومرتاح وملك زمانك؟ أحلي حاجة في السؤال دة انك تسأله لنفسك علي غفلة.. وانت مش واخد خوانة يعني.. وأوعدك ان الإجابة حتدهشك

..أنا عن نفسي حلعب اللعبة دي دلوقتي

أنا نفسي دلوقتي حالا.. أبقي في ميدان رمسيس، الساعة 10 بالليل.. قدام الجامع.. البشر كلها في الشارع.. مستني ميكروباص رايح عباس العقاد ممكن ييجي وممكن مايجيش.. وممكن ييجي ويتملي ويمشي.. ماتفرقش كتير.. المهم اني في ميدان رمسيس قدام الجامع الساعة 10 بالليل.. وانا جزء من الكتل البشرية والضجيج.. في إيدي اليمين سندوتش فول حباياته صحيحة والطحينة كتير باحاول اني أكله من غير ما اوقع حباية علي الأرض.. وفي الإيد التانية الورقة اللي كان ملفوف فيها السندوتش مع سندوتش طعمية كلته قبل كدة ولسة فاضل في الورقة شوية طرشي.. مية الطرشي بتقع علي إيدي الشمال.. الجزر ناشف وطعمه حلو لكن اللفت طري أوي ولونه غامق شوية.. ممكن يكون بقاله ست شهور في البرميل.. المهم إني باكل اللي يطلع في إيدي وبستنشق التراب.. تطلع في إيدي خياراية واحس اني النهاردة محظوظ، الخيارة صغيرة لكن حاكلها علي قطمتين.. اخلص السندوتش والطرشي وأكور الورقة كويس اوي واحشرها وسط الحديد بتاع سور الجامع.. أسيب موقف الميكروباص واعدي الشارع بالراااااحة جدا، العربيات ماشية في كل اتجاه وبتتفاداني وبتخانق بعضها وبتخانق الطريق.. انحشر وسط المحلات والسور الأخضر المتهالك اللي علي طرف الرصيف.. اشم ريحة قش القصب واسمع صوت المكنة العالي جدا.. شابين في البوتيك مشغلين ماتش مصر واليابان ومش بيتفرجوا، بيتكلموا عن الملل بعد الجواز.. وراجل عنده حوالي خمسين سنة لابس قميص وبنطلون محترمين وملمع الجزمة قاعد علي الكرسي علي الرصيف.. ما جالوش غير زبون واحد النهاردة لكن الفرجة علي اللي رايح واللي جاي والناس المحشورة في محطة المترو أهم.. مية الطرشي نشفت بسرعة من علي إيدي وحاسس بشوية ملح في إيدي الشمال.. انفض إيدي في البنطلون الجينز.. الفول والطعمية نفخوا كرشي شوية والبنطلون بقي مضايقني.. نفسي كمان بقي قصير شوية.. عيون مش خايفة تبصلي ومبتزعلش لما أبصلها نظرة ملهاش أي معني.. أعدي جنب مدرستي القديمة.. مظلمة وكئيبة كالعادة.. منعزلة تماما.. في الداخل شايف صلبان وتماثيل وسط الظلام.. وكلام لاتيني مش فاهمه.. لكن الجدار الخارجي للسور مصري تماما ولونه سيمون ومكتوب عليه باسبراي أحمر "أديب الشباب محمود عبد الرازق عفيفي.. سيدي المسيح.. عفوا" لكن انا عارف ان الجدار من الداخل لونه رمادي.. كأن المدرسة تقاوم زحف المجتمع عليها.. حتي المبني هو الوحيد في الشارع اللي مبني بالورب مش بحذي الشارع.. محل البامبو قافل لكن فيه عيال بتلعب عالسلم وعاملة هيصة.. بعدت اوي عن محطة الميكروباص ومفيش اي مواصلة قريبة ممكن توصلني.. ومكسل ابص ورايا علشان اشاور لأي ميكروباص جي لأنه أساسا حيكون مليان.. بس المهم اني في شارع رمسيس الساعة 10 وتلت وماشي.. الهوا المكتوم جزء من رئتي وضجيج العربيات والأتوبيسات جزء من وداني.. وماشي.. ممكن أوصل وممكن موصلش.. لكن مش خايف.. لأني لو ما وصلتش عارف اني ممكن انام علي الأرض.. وافرد دراعاتي ورجلية.. وأغمض عنيه.. وأموت

Sunday, December 03, 2006

!التعليم في مصر... محاولة للفهم... بس مفيش فايدة


بعد أربع شهور من الحياة في أمريكا بنت الدنيا المدللة (علي وزن أم الدنيا المدهولة) اكتشفت اني كنت موهوم. زي أي مواطن مصري كادح مشغول بهموم الوطن وترابه وطينه ومبيداته كنت اعتقد اني حبقي في جرة واطلع لبرة، او علي رأي الأغنية العجيبة دي اللي كنت بسمعها زمان "من يوم ما مشينا مالحاغة (اللي هي الحارة) طلعنا في العالي..." أكثر ما ادهشني هو اني ماندهشتش. مع الوقت فهمت ان الحياة هي الحياة.. بغباوتها وبوشها العكر.. علي رأي الشاويش عطية. الواقع أكثر تعقيدا من ان الواحد يقول هنا كلة خربان وهناك كله شغال

لكن الحقيقة في حاجة واحدة بس حسيت فيها بفرق ساحق ماحق... ألا وهي التعليم

الدكتور الأمريكاني من دول يا شباب يدخل المحاضرة مبتسما ومبرنشقا... وبمنتهي السعادة والانشكاح يسأل: ها ياولاد يا تري قريتوا الحكم؟؟؟؟؟ طب يلا بقي قولولي رأيكو فيه إيييييييه؟؟؟؟؟؟ عنها وتلاقي الشباب كله منطلق صواريخ يا معلم.. اللي يقوله "الحقيقة أنا شايف ان القاضي دة أهبل وعايز ضرب الجزمة" واللي يبرم شنباته ويتفلسف بشدة ويقول "لا والله دة راجل كويس وزي الفل.. بيس يعني يا مان.." مش بيقولوا كدة بالضبط بس حاجة زي كدة

المهم عنها وتلاقي المحاضرة خلصت.. وأخوكم قاعد مسبهل

فين ياخوانا المحاضرة؟ فيييين أم المقرر؟ فيين الصفحات اللي علينا واللي مش علينا؟

!فين أيام تعليمك يا مصر

فين كتاب الأحياء اللي مكتوب علي قفاه إلقاء القمامة والبصق في الشوارع يضر بصورة أمريكا امام السائح

ولا كتاب التاريخ إلي بيقول وقد كان كلينتون زعيما وطنيا وقائدا مخلصا ضحي من أجل رفعة وأمان الوطن وقد خلفه في الحكم الرئيس جورج دبليو بوش ليستكمل مسيرة الديمقراطية والرخاء

ولا امتحان الانجليزي اللي بيقول تحدث عن تأثير البيئة المحيطة علي المفردات لدي شيكسبير ثم ابرز المحسنات البديعية في البويم وأعرب كلمة دونكي وضعها في جملة مفيدة

ولا امتحان الرسم الي بيقول عبر عن مظاهر البهجة والسرور علي بحيرة ميتشيجان احتفالا بعيد الثانكس جيفينج ثم صمم شعارا تعبر فيه عن امتنانك لمجهودات سيدة أمريكا الأولي في مجالات الصحة والتعليم ورعاية الأيتام والمعاقين مستخدما 27 لون مختلف

الموضوع لا يحتاج خطة خمسية ولا سبعية ولا لجان ولا تغيير وزاري.. الموضوع بسيط جدا. الطالب المصري مش بيطلب منه يشغل دماغه. مش معضلة يعني. زي ما الواحد مننا بيشغل دراعه ولسانه وعدم المؤاخذة .....، يشغل دماغه.. كل ما في الأمر ان الأستاذ يحس علي عين أهله ويتنازل وينزل لمستوي الطالب الجربان اللي قاعد قدامه ويسأله "إيه رأيك يا حبيبي في الموضوع دة؟" حتلاقي الطالب بيشغل الجمجمة.. لكن برده هل يعقل ان الأستاذ الجليل العلامة الفهامة ابن بارم ديله خلاصة العلم والحكمة وعصارة المعرفة البشرية يسأل هذا الطالب الواطي المنحط عن رأية؟ ليه هي الدنيا خربت؟ حتي لو فيه 7000 راس في المدرج... لو الأستاذ بيعتمد علي النقاش حتي لو بيناقش نفسه نسبه النشاط العقلي حترتفع ونسبة انتحار الخلايا المخية يأسا واكتئابا حتنخفض ومش بعيد الطالب مننا بعد الشر عننا جميعا يتخرج من المدرسة أو الجامعة في مصر وهو عنده مخ

في يوم من أيام الطفولة البائسة كنت بسمع المأسوف علي مستمعيها نجوم اف ام، وكان فيه مذيع لطيف جدا بيقدم برنامج اسمه مش عارف ايه كدة كل ما تجاوب غلط كل ما تترزع علي قفاك.. حاجة زي كدة، المهم يعني زهرة الشباب دة سأل واحد من المستمعين البؤساء: اسماعيل معانا عالخط.. هاي سمعة، قوللي بقي.. يا تري بيتهوفن... إنجليزي؟ ولا ياباني؟ ولا هولنديييييييييي؟ هه.. يلا.. هوبا... يصرخ إسماعيل في يأس: إنجليزي! يرد المذيع التحفة: معلش ياسماعيل هارد لك.. هو هولندي

ملحوظة: الحكاية دي حصلت فعلا

ملحوظة 2: بيتهوفن ألماني

ملحوظة 3: ... ناشفة

Saturday, December 02, 2006

مرحبا أيتها النهاية

!مرحبا أيتها النهاية
لطالمنا توقعناك.. وتناسيناك
مثل شيخ عجوز يتأني في قهوته
........التي قد تكون الاخيرة........
بينما يداه ترتجفان خوفا من المجهول
تتجمع كل لحظات اللذة لتصنع ألما عميقا
أليست كل حياة جديدة نتاج لحظات من اللذة وساعات من الألم؟
لقد مضت لحظات اللذة وبقي انتظار الألم
في صمت، أملا في ميلاد حياة جديدة
يعود الألم فيها ليختلط باللذة
إلي أجل غير معلوم